التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الجزء (١) لا أعرف لماذا يفعل/لايفعل الناس ذلك



 "Walking out of time


Lookin for a better place


something's on my mind


Always in my head space"


إستمع عند القراءة لـ lovely billie eilish  







أحب تلك الأغنية، أتمتم بها كثيرًا، المكان هنا بات يعرفها. يضبط كاميرته باتجاه مقعدي بينما أستغرق وقتًا في التمعن في عضلاته، بوڤ بوڤ تكاد أن تنفجر. يقول الناس لي دومًا إنهم يحبون نظراتي الطويلة نحو أجزاء عشوائية منهم، ذلك يحرجهم بادئ الأمر ثم يحبونه ويعتادونه حين يتيقنون بأنني في حالة سكر معنوي.. ربما هي حالة مس أو سرحان عميق وأن الأمر لا يتعلق بهم بل بإسناد عيني عليهم لأتكئ لحظة. هو منتشٍ بنظري المطوّل لكنه يظن بأني أستجمع وقتًا في ترتيب كلامي، مع علمه المسبق بأنني إنسان شديد السرح وفطري، أتحدث وأكتب وأشعر وأفتعل كل شيء من خلال فطرتي.. أي تلقائيتي العميقة، أي حين يستمر الآخرون بقول: "أي منال الصغيرة"..


يبتسم حتى يفرج عن فمه الأسمر

- مستعدة؟ 

أومأ برأسي ثم يبدأ بتشغيلها. إلا أنني بعد لحظة صمت أنطق اسمه دون أن أختار استخدام حروفه العربية؛ لأنني كلما فعلت تذكرت مسلسلي القديم المفضل Lost حين أنجبت الأم في وسط الجزيرة المجنونة الطفل المختار والذي قررت تسميته بـ

- Aaron!

يطبق على أسنانه المصفوفة ويهمس بحدة:

- هاااش! ل ق د بدأنا التصويييير!

تخرج ضحكة مكتومة مني. المسلسلات والأفلام يعيشون بداخلي ويلطخون خارجي، في الواقع لقد تربيت على أيديهم، ولازال الأمر محض استفهام لدي كلما وجدت محبي السينما ينتشرون كالنمل في كل مكان، لكنك لا ترى في نفوسهم أي تهذيب فني.. كأنهم قد قضوا الوقت فقط في إضاعته.. كيف يفعلون ذلك؟ كيف لا تؤثر الدراما والرومانسية والمعاني المتحررة من تعقيداتهم الساذجة على نفوسهم أو حياتهم وملابسهم؟ أنا لا أعرف لماذا يقتصر الناس على دور واحد فقط دون الشروع في دوامة الأدوار؟ يالَملل!

يلوح بيديه الغامقتين تجاه الكاميرا، بذات حركة الضغط على أسنانه:

هل يمكنك أن تنفصلي عن عالمكِ قليلًا لنعود إلى هنا؟


ببلاهة أضحك. هل علي أن أفعل ذلك حقًا؟ أن أجعل شخصًا ما قابعًا في خريطته بلندن، أن يسجل مقابلة بأطواري لأنشرها للعلن الذي في خريطتي أنا! عندما أقرر افتضاح أمري، وكشف ستري، وأن أكون ورقة ممددة بأيديهم لينهشوا اسمي؟ يستحق الأمر غالبًا، إنه ليس خطرًا.. إنه مجرد فصل من الأفكار المتشعبة، على الأقل في هذا الشريط الذي حتمًا سأنشره يومًا.. إنه لا شيء، فقط توقيع مني، قبل أن أتدرب على توقيع مميز حين أصدر ذلك الكتاب السميك، ليروني على حقيقتي، أو ربما لأراني يومًا على حقيقتي حين أستيقظ يومًا على حقيقة أخرى، ليراني من يعيش حقيقتي.. ومن يواجهها، لتروني على حقيقتي أنتم الذين مهما عارضتموها ستفضلون التمتع بالنظر لنهجي بالحياة؛ لأنكم تعلمون أن التعارض لا يجدي نفعًا، لا أعرف لماذا يشعر الناس بثقة عظيمة عند معارضة بعضهم، كمثل الثقة اللعينة التي تجعلني أضع هذا العنوان للنص، والفارق هنا أنني لا أبالي بمن أعارضهم. إنني فقط أطرح الهراء خاصتي، ولا يغضبني من يعادي هرائي لأنه يستطيع أن يجعل شخصًا قد لا أعني له أن يدافع عني. إنه ليس بالأمر الجلل.. إنه مجرد فصل أي خصلة واحدة من شعري، خصلة من شعري المقصوص الذي اعتاد أن يكون جامحًا في التعريف عن نفسه، بينما بقيت عيناي في محلهما، حادتين وثقيلتين، هادئتين وثاقبتين..


Aaron ذو النمط الرائج عن الصورة ممزوجة الثقافات، أكثر مالفت انتباهي فيه أنه يتحدث اللكنة البريطانية التي أظنني وحدي في العالم من يمقتها، إذ بها من الجمود الشعوري ما يكفي لأغلق أذنيَّ عنها، فالحس الفكاهي وتلك اللكنة المتكلفة لا يجتمعان أبدًا.ولكن بسبب سطوته وكاريزماته بدا وكأنه لايتحدثها بالرغم من أنه يتحدث بها! أو ربما بسبب جهلي الكلي عن أنواع اللهجات البريطانية. ولأنني لا أسأل عما أريد السؤال عنه بل أصطدم باسئلة تخرج من فمي.. يحدث ذلك أيضًا مع حبيبي والناس الذين أهتم لأمرهم. بالعودة لـ  Aaron داكن البشرة، الذي يبلغ طوله ١٨٠ سم، ويملك لغة وجه مشاكسة كما لو أنني الفتاة ذات الرداء الأحمر والذئب على هذا السطح المكشوف الفارغ الذي صعدناه في ليلة كان العالم ينتظر ميلاد السنة الجديدة. كنا قد قررنا مشاهدة الاحتفال من أعلى البناية كل شيء كان مضاعفًا وقريبًا رغم بعده.. الأصوات ممسكة بيد الأضواء وهي تتقافز أمامنا.. الترقب الذي يومض في عيني تجاه أحلامي التي ستحدث عاجلًا آجلًا، تبسّم   Aaron للاحتفال الفريد الذي يتدفق من عيني، كان سعيدًا للغاية بمعرفته ذات اليوم الواحد فقط لي، يستطيع أي بشري أن يحبني بعشرة مدتها يوم واحد أو ساعة أو لحظة كما فعل حبيبي.. والناس وAaron .. دون أن أحتاج فعل شيء، لا أعرف لماذا يعتقد الناس أنه يمكننا أن نمهل بعض الوقت لنحدد الأشخاص في حياتنا؟.. من السهل تحديد ذلك، منذ اللحظة الأولى (صديق، بعيد بعييييد، غريب، حبيب حتمًا حبيب، عابر سبيل، عدو) ربما يحبونني سريعًا؛ لأنني لا أترك لهم الوقت ليفكروا بمساحاتهم! أو ربما لأني اعتدت على هذا الدور.. أن أحّب سريعًا. أما Aaron  كان بإمكانه أن يعوي صخبًا لأنه ذئب برّي تلك طبيعته الواضحة، ولكنه ذئب داكن آمن، علمت ذلك منذ أول مرة قلت له فيها بغرور معتاد أنني أكره الرجال الأغبياء في الحب، وفي الصداقة، وفي العلاقات التي لا تقبل التسمية، ومنذ ذلك الحين هو ذئب تلمع عينيه كلما نظر لوجهي العاري من العادية، محاولًا أن يكون مطيعًا كي لا تقطع الفتاة ذات الرداء الأحمر بطنه المقسّم وتخرج من أحشائه ثقتها به. يعيدني للسطح الذي نقعد فيه قائلًا

- هل تريدين أن تضفي هذا النمط الصامت بك لمتابعيك؟ إنه يحدث بشكل متكرر، أجده مناسبًا لأيقونتك.. أن تكوني على حقيقتك.. أعني.. تسرحين بعد كل كلمة تفجرينها في وجوه أ..

أقاطعه بذات الطريقة الهامسة الضاغطة للأسنان التي فعلها قبل قليل:

-  Aaron!! لقد بدأنا بالفعل!! 

يصفع جبينه الواسع بكف يده كما لو أنه يقول لا فائدة ولكن بشكل راضٍ وبهيج

يتنحنح:

- لنبدأ من المنتصف كما قررتِ أن يكون.. لنبدأ بفصل طرق الحياة قبل فصل الولادة، ما هي الحياة الحقيقية بالنسبة إليكِ، منال؟

ألاعب خصلات شعري الزرقاء في الجزء الأمامي من شعري بإصبعي وألفها حوله رغم قصرها وتموجها الطفيف، وأبتسم لنطقه اسمي الناعم الذي تمرن على نطقه بذات اللكنة التي أتحدث بها، يحب أن يبدو كما لو أنه واحد منا مع يقيني الشديد أنه لن يحب ذلك لو كان واحدًا منا.. نحن الذين قد كبحت جماحنا سنينًا طوال، ثم أنطق بتلك الحروف التي تخرج من روحي وأعددها بأصابعي النحيلة والتي ربما كان سبب رشاقتها هي الكتابة أو عادتي في لف شعري حول إصبعي

- حسنًا، إنها كما ذكرت في جميع مقالاتي السابقة وبشكل متعمد ومترامٍ في السطور! إن الحياة الحقيقية هي عائلتي الصغيرة التي أريد تكوينها، حيث يكون الأب مالًا ملعونًا والأم حرية قصوى، ابنهما الحب وأنا سأكون المتعة

يحاول أن يكون رسميًا، ويغيّر من أنماطه بالرغم من أننا اتفقنا أن نكون عفويين تمامًا، لكن هذه أيضًا ضمن عفويته وحقيقته.. أن يحاول أن يكون مخادعًا في إطلالته علمت ذلك حين كشفت له عن سر في نفسه وصدم حينها، أحيانًا أشعر بأن الرجال داكني البشرة يتصفون بثلاث صفات رئيسية رغم اختلاف التفاصيل وهي (الجرأة الظاهرية "الفطرية"، الخجل الداخلي، التصرف كأطفال كبار ليس فقط لأنهم يتأخرون في أن يبدو أكبر سنًا، بل لأن العالم يتعامل معهم كأطفال كبار، أي أجسام مضخمة وعقول صغيرة، فتجدهم بشكل لاواعي يتصرفون برجولة طفولية، وعاطفة طفولية، فعقولهم هي رجولتهم، عندما يغضب سيستخدم يديه غالبًا، عندما يحب يتصرف بجلافة ودلال مربكين كالطفل المشاغب المدلل تماما مقارنة برجل أبيض، إذ إنه لا يحمل همًا في أن يبدو بصورة بريئة ونقية مادام ظاهره يتكفل بذلك)، ولا أعني انعدامها في الألوان الأخرى إلا أنها بالمقارن، فهي بمستوى جمعي أعلى، وليس هذا بناء على التجربة بل على الحدس والملاحظة والكثير من الهراء النفسي، أي قد يكون الأمر متعلقًا في ذهني فقط، ومن هنا يتشكل لنا الكثير عن أنواعنا المفضلة من الأشخاص والأشياء، لذلك اخترت Aaron لخوض هذه التجربة الشخصية لي، إذ يمكنه أن يكون ذكيًّا وخدومًا وصبورًا ومنفتحًا ووسيمًا، ولكن بصورة تفضلها عيني وليس بالضرورة أن أريدها، لهذا أتساءل: لماذا ينزعج الناس من الحكم على المظاهر بشكل كلي؟ إن كان هنالك جزءًا عميقًا في جانب كل شيء سطحي! أنا لا أعرف لماذا يفعلون ذلك

 يسأل Aaron باحترام وكأنه يتحول لرجل محترم أبيض فجأة بالرغم من أنه فاسد وعميق للغاية ولكنه يريد أن يأخذ كراسي السائلين من خلف الشاشة يومًا

- لماذا ذكرتِ المال؟ ألا يستطيع الفقراء ومحدودي الدخل أن يعيشوا كل ما ذكرته؟ ألا ترين أن هذا الجزء سطحي بعض الشيء عزيزتي؟

لو كنت تعلم ياAaron  سبب اختياري لك في هذا الدور، لكنت شعرت بالولاء لسطحيتي تلك، أبتسم لادعائه كقطة أليفة تخفي مخالبها ولا يبصرها سواه

- يمكن للجميع أن يستشعر كل شيء ويعيشه، ولكنهم سيكونون مرهقين في كل مرة يريدون المزيد منه، لقد وجدت الكثير من الناس الأثرياء الذين يعيشون حياة مملة للغاية، والكثير من الفقراء الذين يشعرونك باليأس لمجرد النظر إليهم. إن الأمر متعلق بتوجه المال مهما بلغ ثراؤك أو فقرك. عليك أن تعيش متجردًا كي تحظى بتلك السعادة التي ستعيش لأجلها وبها ولن تود الموت بدونها.. إنها المتعة يا صديقي! إن الناس يغفلون تمامًا عن المتعة!! 

يضحك مائعًا:

أريهم الوشم!

أدور بالكرسي لأظهر رقبتي من الخلف للكاميرا، لقد أخفيت اسم حبيبي بلصقة جروح وأظهرت الجزء الآخر من الوشم "المتعة". 

يرد مبتسمًا ولا أعرف لماذا؟ أظنه قد أنس من كلمة المتعة وشعر بالانتماء لها، أو أني بدوت لوهلة طفلة أصغر سنًا تغيظ الكاميرا، أو لأنه يتفهم تمامًا الفرق بيني وبين من يضعون وشم القلب والفراشة

- وهل وجدتِ عائلتكِ؟ هل تعيشين متعتكِ؟ ماذا عن الحب؟ - يهمس بمبالغة سينمائية وقد تعلم ذلك مني - هل وجدته؟

أرد بثقة تكابد الحسرة متجاهلة ظرافته

- أنا كل المتعة وأنا من سيخلق أجيالًا من المتعة، لكنني أسعى لتطويرها لتصبح فنًا في العيش -أصمت وأنظر لانعكاسي على نافذة العليَة المقابلة لمقعدي.. ظلال عين جريئة، شعر قصير، شورت وقبعة مجنونة، أتنهد كم هو ممتع النظر إلي ثم أكمل مقالتي- وجدت الحب وفقدته، ثم وجدته وقد..أفقده، ولكني أؤمن بأنني سأجد الحب الحقيقي الذي أريده.. يومًا ما وفي ساعة ما لا أتوقعها أبدًا.

يخابثني

- ولم قد تفقدينه بعد أن وجدتِه؟

أرد بكسرة قلب

- لأن من المؤلم أن يحبك أحدهم بطريقة أقل مما تستحق.

يرد بتهور خارج عن الكلمات المتفق عليها:

- ومن قد لا يحبك بطريقة أقل مما تستحقينها؟

أرد بكسرة قلب تعيد نفسها مرة أخرى

- من يجرؤ على معاندة القدر.. كلما وقفت أمامه نظر للخلف، لماضيه وجبنه، وضعفه، ومنطقة أمانه.. وإن لففت وجهه نحوي كانت عيناه متشبثتان خلف رأسه.

يحاول طرد استيائه

لن أشتم رجلًا تحبينه (يشتم في سره) كما تعلمين الرجال داكني البشرة موجودون في كل مكان، ولن يتقاعس أحد منهم في جعل واحدة مثلك -يتفحصني بإدمان- ملكته، حسنًا ماذا عن حريتك؟

أبتسم بحلم متجاهلة مغازلاته كالعادة

- إن حريتي تشبه عروسًا بطيئة تزّف على البساط الأحمر وستجوب العالم كله بحدوده وتجرده، وسيستشعر العالم بأسره طرحتها البيضاء الباردة وهي تهبط فوق رؤوسهم الناظرة وتنعشهم.

محاولًا رد هجمة استيائه الرجولي ماسحًا يده الغليظة على ذقنه المشعر، أن يكون أحدهم متحررًا لا يعني أن قلبه خالٍ من التحدي والمنافسة

- حسنًا، ما هي الحرية؟ هل هي التي لدي؟ 

أرد على سؤاله الجارح بابتسامة تسحر الأنس والجن إن كانوا يحضرون

- لم أجد قط في حياتي من يعيش الحياة التي أريدها، وهذا مفزع ومريح في آن، ولكنني أؤمن أنه لابد هناك من قد يتنفسها الآن.

يعارضني مقاومًا الجاذبية التي أفرزها دومًا بالهواء في أي مكان أوجد به في العالم.. بالرغم من أننا اتفقنا أن يكتفي بأسئلتنا التي كتبناها معًا حين كنا عقلانيين تمامًا ولكنه كمن يدافع عن قيمة حريته:

ألا يقولون إن الحرية هي أن تعيش حياتك على طريقتك الخاصة؟ 

أصمت قليلًا، أشعر بالراحة إن وجدت أن الأمل غير مفقود حين تجد ذائقتك البشرية موزعة في العالم، حيث الطفولة المعينة في عقلك تتجلى في أعينٍ وجفون صفقت باب الطفولة وتظن بأنها خرجت منه.. ليس بالضرورة أن يحظى بها فقط من تحبه، إذ إن من الهلع أن تجد أن كل شيء تحبه في شخص ما، لا يوجد في غيره.. شعر بالحرج لصمتي وهذا طفولي أيضًا.. أما الناس الآخرون لماذا يعتقدون أننا سنحترمهم إن تحلوا بالرقي الزائد والأخلاق المثالية، لماذا يريدون أن يتصرفوا كبالغين؟ لا أعرف لماذا يفعل الناس ذلك!! 




 يتبع.. . 


تعليقات

المشاركات الشائعة

المقدمة

إلى عين  القارئ .. الذي سيعاديني لـ يناصرني لا أقصد أن أقلل من احترام الحرف حين أنسجه في حوض  استحمام ، فقبل الدخول استعذتُ من فكر الشيطان ، وحصنتُ جسدي المادي بكوب بابونج وتعاويذ  تخص     قائمتي الموسيقية  ، بينما روحِي  المجردة تتوق لقالب تصب فيه اضطرابها الذي لا يقاس ، يالها من مسؤولية يتحملها عنق كاتب لايرتوي من نهج غيره سوى التهكم ، محتفظاً بفسحته الخاصة واغلاطه الفادحة كـ  "معلقات "  لذا ..   من حق كاتب درامي حر .. أن تطرقوا كل باب  "بأدب قارئ حر"  .. أغنية   الافتتاحية   : * ملاحظة: هذا الكاتب لايراجع نصوصه الارتجالية ، لأنه يؤمن بأحقية روحه العظمى في التصرف و التنقيح. Manal Ayaad

استشارة قلبية

  الحب ليس عملية تود أن ترضى فيها وتتبادل المودة،    فهـو   مختلف عن العلاقات العاطفية،إنه   شعور معقـد     بشكـل   واضح لا يفيـد   معـه   الاتصـال   أو الانفصـال،     والكراهيـة   والعقلانيـة   لـن  تقومـا  بعملهمـا   جيـدًا، إنـه     حالـة   تضخ كـل  يـوم   أمـلًا  فـي  التوقـف   وخوفـًا   مـن     المحاولة  في آن واحد . يقفان بتفاوت طولي شاسع، حاجبان معقودان، ذراعان متقاطعان. كأنهما تحفة يونانية داخل قلب أحمر بسهم يخترق عينها الحادة ويثقب يده الغليظة، متسمرّان أمام باب عيادة الدكتور النفسي الأشهب الذي جال العالم ونال شهاداته العاطفية..والجنسية أحيانا. يطرقان الباب، يلبيان نداء الدخول الذي يرتب أوراقهما فوق طاولته : مرحى،  هذه البيانات في يدي مثيرة يارفاق، تبدوان عابثين..كاتبة شهيرة وعارض شقي، تفضلا بالقعود ريثما أنهي قهوتي ! يستجيب عشيقها ويسحب كرسيًّا لتجلس هي مع إشاحة مبالغة كادعاء للكِبر، ثم تسحب بدورها كرسيّا لتلصقه يمينها فتسحب يده ليجلس كطفلٍ يعاقب. يراقبهما بضحك مكبوت يحبو من رحم النكات الصامتة :   -   حسنًا، هذا غريب ورومانسي ومعقد.. إذًا ماهو الجزء الذي سنشكو منه

هل صليتم جيدًا ؟

وأنت تقرأ  إستمع إلى -  فلامنكو  David peña Dorantes - Orobroy أنصتوا للصلاة .. التي تقام في صدوركم المؤمنة آمين لقد ثقبت حاجبيها العاقدين بزينة التمرد ، لقد كنت أحدق بأقراطها اللامعة فوق جلدها الرطب مع تلاحم قسوة الشمس وجور أخي والندى المملح الذي يتسرب من غضبه ، وثقت لنا توجهها المسيء للعائلة بارتداء العري والوشوم، كانت لغتها الصراخ ورد اعتبارها الهروب ، لقد وجدناها أخيرًا تصلي في بقعة خالية دون حجاب صلاة تدعوا الرب المنصف على من حاول سرقة العمر منها ،  قد يستجيب الله ويسخط بولاء عائلتنا للتقاليد الظالمة بعد أن قتلها أخي المؤمن بطريقته الصارمة لأنه بكى العار بحرقة قد تشعر بها الغربان التي ستتعشى جثة القتيل الحرة في هذا الخلاء الإفريقي من الكوكب ، المجنونة قد وشمت على أعلى ظهرها عبارة استشهاد الحرية بلغة أجنبية ،  هل يختلف طعم لحم الحر الميت عن المسجون الذي مات حيًّا بالنسبة للغربان ؟  كان يصلي بطمأنينة تشتهي أن تنال بمثلها ، يقرأ بخشوع تنسجم معه الطبيعة وقد يحبه الله لذلك ، قلبه مرهف تبكيه ذنوب الإنسان وتضجره هفواتهم ، كان أقرب مثال للعبد الصالح فقلبه غا

رسالة | معزل

# أدب_العزلة إليك يا أمي البريئة المتسامية بأخلاق الكرام الذين لم تكن لي رغبة واضحة في أن أكون منهم .. أو معهم أمـا بعد .. لقد قمت بتشريف نفسي أماه، معجبًا بهذا المتحف الذي يحوي علي ، فكل مارصّ فيه قد بجل تماما، كبريائي وخواتم الحجر الكريم وحتى اللوحات المترامية في كل مكان تحمل وجهي في وضعية تناقض الأخرى و .. دفاتري الشعرية في وصف مئة امرأة عريقة ومريضة .. صبية وثرية قد مرت علي ومع ذلك فأنا مستطيع بحق تحمل نرجسيتي والجهاد في فهم أغوارك المنيعة إذ لطالما راودتك نفسك بتلك الأماني الصغيرات حول حملان مكررة تحوم حولك تظنين بأنهم أحفادك ، وكأنك تجرحين القلب الوحيد الذي هام بدلالك تلك الغرفة المنزوية في آخر المنزل ، هي بسملة حياتي التي تمحورت بها حولي وتبلورت أفكاري الإجتماعية بعيدًا عن أعين لونت من كل وراثة خلقة وطبعًا عدا عينيك اليائستين .. مني  ! كنت لوحتك التراجيدية    أتذكرين ؟ هكذا أطلق أبي النكات على تمعنك في بابي المنغلق .. لا أخفيك أني وحتى ظل اللحظة المتجلية كنت أتساءل عن شغفك العنيف في إشراك إنسان حضاري من الجنس ا

بلوك كورونا

Mini world - Indila   استمع  [هذا النص سينتهي منهم ، وأنا سأنتهي منه]    عبر الأثير كانت روحي تقاتل الموت على مدار السنين ، تتعدى أزمة قلبية وحادث سير ، يخفق قلبي قلقاً بين صرامة والدي ومصائبي ولا أموت ، يكسر حبيبي قلبي ولا أفعلها .. لا أموت !   يتحايل الموت ويسرق قريبي باللحظة التي أكاد فيها أن أموت خوفاً عليه ، لم يقتلني الخوف بل زادني تعلقاً بالحياة التي رغم مجاهلي الكثيرة لم أعلم  بقدر علمي أنها مرة واحدة ، وأنا مستهلك ولكن محروم ، لايعيش ولكنه لايموت ! آه * أحتاج الوصول لجنة الدنيا أولاً ،  أن أرتقي بدرجات توصلني لأصول المُتع : الحب الحرية الرفاهية الثراء الجمال الفن  نشوة الحزن  التجرد السلطة الأخطاء  الإنسانية الراحة تلك المُتع التي تخبئها معاناة الحياة كلما كشفت ستارها للحظة ثم ماتطفق أن تسرقنا منها أو تسرق متعة أخرى لتقاضينا بأخرى أو تسرق اللحظة المقدسة ولا تبقي سوى فيروس الذكرى أقدم فيروس جعل من ضحاياه أحياء الموتى ، ذكرى تلوك رأس كل آدمي وضع فوق سطح الأرض الكروية .. أو المسطحة كما يريد * يقولون بأنها سنة كبيسة .. يرا

هبة الكاتب

* ملاحظة لإبراء الذّمة   ( تم الرقص الحر الغير متزن اثناء كتابة كل سطرين متراجعين ، لترويض كل حرف انطوائي طال مكوثه ولم يعتد الظهور الصريح أمام عين القُراء الذين لم يرحموا اعتكاف بصرهم عن القراءة فكيف بقراءتي و تقطيعي اشلاء باحاسيسهم المُناصرة من بعد مُعاداتهم المستقبلية ) اضغط هنا للرقص والقراءة لو كنت محترف   أنا منال   كما هو معتاد منذ ولادتي في الأيام الخوالي ١٩٩٥ م شهدت ولادتي اكتئاب الحياة الجحيمية في زمن يتبادل العشاق رسائلهم الموزونة خلسّة ويحرقون اطراف الورق للزينة التي لن تشبه مصيرهم المحروق لابن العم والعمة ، حيث كانوا بزمن يحظى كل فرد فيه بعقدة نفسية خاصة بتكوينه يهديه اياه مجتمع القيد والسوداوية ، و الذي "قسم غليظ" لو كان الأمر اختياريا لاخترت أن أولد اليوم والآن في هذه اللحظة الحرة ..  أو أن أولد في المستقبل الشاسع .. بدلاً من أن أكتب نصاً يضجر القارئ الذي يعتز بزمنه السابق ويسميه بـ ثقة مريبة "زمن الطيبين" ولاختارت امي أن تولد معي اليوم وتكون التوأم المزعوم أو صديقتي التي لن تتسلط علي. لأننا وفي كل نقاشاتنا الحارة كنت اصرخ بش

كتالوج حبيبي!

إقرأ بصوت حنون، فلتستمع لـ  ياسمين حمدان-قمر١٦  لا أعني الحب فقط حين أقول :  أحبك ولم ألفظ بها على الرَّغم من أنني أعنيها! ليس الخوف ما يربكني من قولها بـل هذا الصراع الكبير بين ما نلمسه من السطح وما نسبح فيه بالعمق الرائج لنا وحاشا أن أطالب بذروة أعمق مما نغوص فيه! كل الصفات التي أُدّعي بأنها مطلبًا للأنوثة قد جربتها على حدة، عدا واحدة قد شذّت عن أخواتها، قاعدة تتخلى عنها النساء اللواتي يخشين على أنوثتهنَّ من المساواة في سبر أغوار الفتنة، على الرغم من أنّ الرجل الذي تحبه امرأة غالبًا في نفسها، هو نفسيًّا قد فاقها فتنة، كان من البلاهة ألّا تفصح بها !  فهي لن تحب أبدًا وجهًا لن يُرضى عليه في قلبها، وإن فعلت وقالت بتنازل مُلّغم: إنّي أحبك، ولن يعني لي ظاهرنا حبيبي؛  فهي امرأة تتنمر بإنسانية ووحشية، فهي طيبة إلى الحد الذي ليس له داع، تعضعض القلب بغباء العاطفة والسخاء الذي كان يجب أن يكبت ويرمى في السعير،  ولكنها بعلم النفس المتوارث السطحي الذي قد حشا عقلها الصغير فظنت بأنها الكائن المادي الوحيد في طرف ملاحمة الحب الذي تُقرأ عليه أشعار الغزل ويتمتع بالتغني له و

الجزء (٢) لا أعرف لماذا يفعل/لايفعل الناس ذلك

  " But I know some day I'll make it out of here Even if it takes all night or a hundred years Need a place to hide, but I can't find one near Wanna feel alive, outside I can't fight my fear"       أرد : ولكنني لازلت أنقد الناس الذين يعيشون على طريقتهم الخاصة .. لأنني أجد أن الطريقة الأصح هي التجرد ثم الاختبار .. يسألني وكأن الصمت الذي يتبع كل فقراتي يستمتع به أيضا ويحترمه :  - وماهي طريقتك في التجرد والاختبار؟ اشرح لهم كيف يمكن للحياة أن تكون يا صديقتي المختلفة بحق ال **** أضحك .. أرد :  - أعني أن لدي طريقتين مختلفتين في الحياة، ولكنهما قد يلتقيان معًا بصورة متزنة، فهما مكملان لبعضهما، كمثال .. ليكوِّن الإنسان عائلته، عليه أن يصبح مالًا ليفعلها، مالًا مستدامًا لا مبتذلًا ومحدودًا، عليه أن يشرع في أن يصبح غنيًا في رأسه أولًا، ثم في مضيّه إليه، لا أعلم لم يتزوج الآخرون وهم بحاجة للوقت والمال أكثر من شريك حياة وطفل .. إنهم ينكرون ذلك وسينكرونه في ذواتهم حتى وإن

بابا الروحي

  سيتم إرفاق هذا النص اللعين في السيرة الذاتية للكاتب  إلى القارئ الذي يعرفني ويُعد طقوسه لينفرد مع نصوصي في موعد، ويعاملها كأفعوانية الملاهي ليختبر الخوف الآمن، والمتعة، ورفضه الخارجي، وتقبّله الداخلي المُشاغب لكل ماسيقرأه .. تعلم أني أفهمك إلى القارئ الذي لايعرفني إلى الأوغاد إلى عائلتي اللعينة إلى حبيبي الذي يعاند نفسه في حبي إلى أصدقائي الذين يحبونني أكثر مما أحببتهم إلى بابا الروحي كان ياماكان في أحد صفوفي الأولية الصيفية، في حصة التعبير المفضلة لدي، ترفع المعلمة الشابة دفتري المصفوف، كما لو أنني قست كل شيء بالمسطرة لأثبت بأني برج عذرائي لعين، لتجعل الطالبات الصغيرات يصفقن لي رغم المخاط الذي يسيل من أنوفهن   الصغيرة ويُمسح بالكم التي تصفق، رغم أبراجهن السهلة التي لاتشي بمستقبل فريد، رغم الغيرة من فتيات المقاعد الأمامية اللاتي بدأن تآمرهن علي،رغم الحيوان الذي أخترت الحديث عنه - الحمار الوحشي - مقارنة بالحيوانات البريئة التي اخترنها، فبعدما كبرت أيقنت أن لدي بع